هي صورة استوقفتني حين وقفت أمامها فكل شباك يحمل وراءه قصة، وتساءلت كم كان صادقًا ذاك الذي قال البيوت أسرار، إلا أنني أتحدث عن الموضوع من زاوية أخرى، شاب وحيد يحتفل بعيد ميلاده، إذ قد يكون الأصدقاء قد نسوه، عاشقان يرقصان على ألحان جمعتهما ذات حب، ليقضيا بعدها ليلة مليئة بالرومانسية حاملين أملًا بالغد الذي ربما سيأتي وربما لا.. أمٌّ أقفلت النافذة لتجهز حمامًا دافئًا لطفلها الصغير وتصنع في ذاكرته أوقاتًا سعيدةً لن ينساها مهما باعدتهما الأيام، وعازف يتستمع بنسمات الليل بينما يتدرب على لحن جديد ونوطة يتوجب عليه عزفها بإتقان في المرة القادمة. فأفكر: إنما الناس يروننا في حياتنا كمشهد، كنافذة، فهم العابرون في حياتنا ومن أمام نوافذنا أو تحتها، يستوقفهم المشهد الخارجي ولا أحد يهمّه ما الذي جرى أو يجري خلف الكواليس ووراء الستارة. وكذلك فإننا نعامل الناس على ما يظهر منهم دون أن نعرف ما خفي في حياتهم، من فارق حبيبًا، غادر وطنًا، أو تملكه القلق من الداخل.. لذا فإن أفضل ما يمكننا فعله هو أن نحسن الظن بالآخر، نحسن التبرير لهم، ونتغافل عن الزلات التي بدرت دون قصد.